مدونة إلكترونية الهدف منها تقريب القارئ من مواضيع في مجالات مختلفة

اخر المواضيع

الاثنين، 13 فبراير 2017

تجربة سجن ستانفورد.

قد تكون قرأت من قبل عن تجارب غريبة قام بها علماء أو أطباء،بعضها كان شنيعا ومخلا بحقوق الإنسان كالتجارب التي كانت تجرى على الأسرى خلال الحروب أو بعدها والبعض الآخر من هذه التجارب رأيته مستحيلا وربما لم تصدقه نظرا للأحداث الغريبة التي وقعت أثناء هذا النوع من التجارب.
تجربة سجن ستانفورد شبيهة بالنوع الثاني إذ قبل بداية التجربة لم يتوقع أحد النتائج التي ستخلفها هذه التجربة بل وتطوع إليها عدد من الأشخاص رغبة منهم في أن يكونوا جزءا من هذه التجربة بمقابل مالي بطبيعة الحال.
في هذا الموضوع سأتحدث عن قصة هذه التجربة والنتائج الغريبة لها فلا تفوتوا قراءته.
تعود أصول هذه القصة إلى سنة 1971،بالظبط في شهر غشت لما أراد البروفيسور فيليب زيمباردو مع مجموعة من الباحثين النفسيين إجراء تجربة لمحاولة معرفة أثار امتلاك قوة وسيطرة على شخص آخر على الجانب النفسي،فيليب ركز في هذه التجربة على العلاقة بين السجناء وحراس السجن.
من أجل إجراء هذه التجربة قام البروفيسور فيليب زيمباردو بتحويل جزء من قبو جامعة ستانفورد إلى سجن شبيه بأي سجن حقيقي،ووضع إعلانا للتلامذة من أجل أداء دور السجناء والحراس،قرابة 70 شخصا أجابوا الإعلان وقبلوا المشاركة في التجربة،كل واحد ممن قبلوا التجربة تم إجراء مقابلات معه من أجل التقييم النفسي وتم إبعاد كل شخص لديه مشاكل نفسية أو طبية أو لديه سوابق جنائية في العنف أو تعاطي المخدرات .
تجربة سجن ستانفوردبعد نهاية المقابلات تبقى 24 شخصا هم من قبلوا للإشتراك في التجربة مقابل 15 دولار يوميا.الأشخاص المشاركون في التجربة تم تقسيمهم بشكل عشوائي للعب دور السجين أو الحارس،الحراس كانوا يتناوبون كل ثماني ساعات،يعني كل ثماني ساعات ثلاثة حراس يحرسون السجناء ويتبادلون مع ثلاثة آخرين بعد مرور ثماني ساعات أما بالنسبة للسجناء فكل ثلاثة سجناء يشتركون زنزانة،وكانت هناك أيضا زنزانة معزولة بالنسبة للسجناء الذين يسيئون التصرف،خلاصة الكلام هي أن هذا السجن كان نسخة شبه الأصل عن أي سجن واقعي آخر،إضافة إلى أن التلاميذ الذين لعبوا دور السجناء تمت معاملتهم كمجرمين حقيقين منذ اللحظة التي ابتدأت فيها التجربة حيث اقتحمت الشرطة منازلهم دون سابق إنذار وتم اعتقالهم وأخذوا إلى مركز الشرطة وأخذت الشرطة بصماتهم وتم تصويرهم، بعد ذلك ملأت الشرطة سجل الإعتقال ثم نقلتهم إلى السجن الوهمي لتبدأ التجربة.
تجربة سجن ستانفورد
بعد وصول المجرمين إلى السجن جرى تجريدهم من ملابسهم وأخدت ممتلكاتهم الشخصية ثم تم إعطائهم ملابس السجن ورقم تسلسلي لكل واحد منهم كوسيلة لجعلهم يحسون أنهم مجهولو الهوية.
كانت القوانين هي عدم مناداة السجين باسمه وإنما برقمه التسلسلي.
نفس ما حدث للسجناء حدث الحراس حيث لبسوا بذلات مشابهة لبذلات حراس السجون الواقعية ولبسوا نظارات شمسية لمنع أي اتصال بصري مباشر بالسجناء.
كل مناوبة حراسة تولاها ثلاثة حراس والستة المتبقين يبقون على اتصال،وأعطيت  السلطة للحراس لفعل كل مايتطلبه الأمر للمحافظة على نظام السجن وتم منع كل شكل من العنف الجسدي بين الحراس والسجناء،بعد بداية التجربة زيمباردو قام بمراقبة ودراسة سلوكيات الحراس و السجناء كباحث وكذلك لعب دور آمر السجن،بعد بضع الساعات من انطلاقة التجربة كان كل من الحراس و السجناء مستغرقا في دوره ويحاول إتقانه،بعد ذلك بدأ بعض الحراس بمضايقة السجناء وكانوا يستمتعون بذلك،كانوا يسبون السجناء ويهينونهم ويدعونهم  بألفاظ نابية ومهينة لم يكن أحد آخر ليتقبلها.
إضافة إلى ذلك الحراس كانوا يرغمون السجناء على أداء مهمات غبية ومملة بدون معنى فقط ليثبتوا سلطتهم ويمارسوها عليهم إن صح القول بل وصل الأمر إلى إرغام السجناء على تأدية العشرات من تمارين الظغط كنوع من التعذيب الجسدي لهم.
بعد مدة قصيرة بدأ السجناء يتقنون دورهم أيضا حيث أصبحوا يدخلون في حوارات مع زملائهم في الزنزانات ويتحدثون عن مشاكل السجن مع بعضهم وأصبحوا يتعاملون مع قوانين السجن بجد بل وأصبح بعضهم مواليا للحراس يشي بمن لا يحترم القوانين من زملائه لهم لكي يعاقبوه .
في اليوم الثاني من التجربة أقام السجناء تمردا وأغلقوا أبواب الزنزانات على أنفسهم بأسرتهم لكي يمنعوا الحراس من الدخول،الحراس استخدموا القوة لإقتحام الزنزانات وأخضعوا السجناء بالقوة وأخذوا منهم أسرتهم وقاموا بحبس زعماء هذا التمرد في الزنزانة المعزولة التي خصصت لمثل هذا الغرض،بعد ذلك أصبح السجناء عنيفين تجاه الحراس والحراس بدورهم أصبحوا يعاقبون السجناء فمنعوا تناول الطعام عن البعض وتركوا البعض الآخر يتناوله كنوع من التكتيك النفسي لخلق فجوة بين السجناء.
في اليوم الثالث أحد السجناء انهار نفسيا وجسديا حيث كان يبكي بقوة وصراخه كان عاليا الشيء الذي جعل البروفيسور زيمباردو يسحبه من التجربة، بعد ذلك ازداد استغلال الحراس للسجناء حيث هناك من يقول أن الأمر وصل إلى اعتداءات جنسية للسجناء ولكن لا شيء موثق،لم يمر وقت طويل حتى انهار سجين آخر وبدأ بالصراخ والبكاء،ذهب البروفيسور زيمباردو إلى زنزانته ووجده في حالة يرثى لها ونادى عليه بإسمه وكسر بذلك وهم التجربة وأخبره أن الحراس هم مجرد تلامذة مثله وليسوا حراسا حقيقيين .
هذه التجربة كان من المقرر أن تستمر مدة أسبوعين ولكن النتائج كانت مخيفة وتم إلغاؤها بعد ستة أيام فقط، إذ أن الحراس كانوا يذهبون إلى الزنزانات أثناء الليل معتقدين أن لا أحد يراقبهم في ذلك الوقت ويمارسون شتى أنواع العنف على السجناء ويعذبونهم بدون سبب ولكن فقط لأنهم يستمتعون بذلك.
ليس هذا معقولا أليس كذلك؟بل إنه صادم، أشخاص لايعانون من أي مشاكل نفسية،ليست لديهم أي سوابق قضائية،لا يتناولون أي نوع من المخدرات فقط هم مجرد تلامذة ،كيف يمكنهم أن يعتدوا هكذا على أشخاص آخرين ليست بينهم أي علاقة ؟
النتيجة كانت واحدة ووحيدة وحاسمة حتى الأشخاص الجيدين سيتحولون إلى أشرار ومجرمين إذا امتلكوا السلطة،و بذلك بقيت هذه التجربة واحدة من أقوى وأكبر الدراسات النفسية على مر التاريخ .
بقلم:Yassin Assimi.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad